totti the king
عدد الرسائل : 2280 العمر : 34 المزاج : هادى رقم العضويه : 2 تاريخ التسجيل : 15/08/2008
| موضوع: عندما يأتي الحب؛ في الوقت الضائع.. الثلاثاء 24 فبراير - 11:00 | |
| الحب ليس على الدوام نعمه تعطر العمر. ربما في الروايات الخالدة والقصص المجنحة؛ ولكن كثيرا مما يحدث بين ظهرانينا يعاكس ذلك. أحياناً - وأحياناً عدة- يكون الحب أقسى محنة تهب على حياة المرء فتهزها وتعصف بها من الجذور. فالحب في الوقت الخطأ/ للشخص الخطأ؛ امتحانٌ لا أقسى ولا أصعب.. فالحب غير المتكافئ؛ الحب بعد الارتباط بشريك /حب شخص مرتبط؛ أو حب من لا ترضى عنه الملة ولا المجتمع كلها أنواع مؤذية من الحب على المرء أن يتضرع لأن لا يمر بها يوماً.. أما أسوأ أنواع هذا الحب المدمر في تقديري فهو الحب الحقيقي في الوقت الخطأ لاسيما حب الكهل لفتاة في صباها. ذلك الحب الذي يراه البعض نزوةً أو خرفاً رغم أنه قد يكون حباً حقيقياً. وحقيقيا جداً.. لولا أنه تأخر عن وقته وأوانه..
هو نوع كلاسيكي من الحب عرفه العالم منذ فجره.. فتاةٌ تبحث عن الحنان والحكمة والأمان في شخص مكتمل التجربة والنضوج.. وكهل يترامى على علاقة فتيه تعيد له الأمل في حياة بدأت تتسلل من أصابعه كماء النهر.. ''غوته'' شاعر ألمانيا العظيم عرف هذا الحب وهو في ذروة شيخوخته. وعرفه وجيه البارودي شاعر العشاق وقد جاوز التسعين.. وعاشه العقاد في الخمسين فلم يطالب حبيبته - حتى بالوفاء- إذ نظم لها يقول
أعفيك من حلية الوفاء إنك أحلى من الوفاء
ولا أصدق مما قرأت في هذا من رسالة كتبها الأديب الروسي ''تورجنيف'' عندما شارف على الستين لفتاة في الرابعة والعشرين هامت به عشقاً وحاصرته بجمالها وذكائها.. فما كان منه إلا أن كتب لها يقول (بتصرف):
''ليس من حقي يا فتاتي أن أغرر بك وأنت في مطلع شبابك. لا أنكر أن جمالك يفتنني، ولكني لو أحببتك فسأرتكب أخس جريمة يمكن أن يرتكبها رجل، لأنني سأحبك لنفسي لا لك،وأحاول أن أجدد شبابي وحياتي على حساب مستقبلك الغالي، إني أنظر إليك وأتعذب، لكن واجبي أن أفهم نفسي، ولا أستسلم لإغراء شباب يستعجل شيخوختي، فافهمي أن من يناقض سنن الطبيعة يُهلك، وأن اقتران الكهولة بالشباب لم يسعد في هذه الحياة أي إنسان. فالسعادة في الحب لا تنبع من مشاركة العواطف، بل تنبع من تكافؤ في قوى الصحة والشباب. فاقبلي يا فتاتي هذا الحب الخالص النزيه، وانشدي الحياة مع من هو أهل لك، واسعدي..''
كلمات ''تورجنيف'' تلك فواحة بالحب.. ولكنه حب متحرر من الجنوح والاندفاع.. حب ولد مع مشيئة لكبحه. والعواطف المكلفة عليها أن تُكبح؛ قبل أن تدهس في طريقها أرواح بريئة لا ذنب لها ولا جريرة.
أن من يفهم دهاليز المشاعر - نقول- لا يملك أن يجحد الناس عواطفهم؛ ولا أن ينكر ترقرق ماء الحب بين أعطاف المحبين.. فالحب أعمى كما يقال، ولكن.. أليس للشيخ بصيرة ؟ | |
|