ما أجمل الحب
والأجمل منه أن يحب الإنسان كل الدنيا ببشرها وطيرها وأرضها وسمائها ، فالإنسان إذا أحب فأنه لا يحب إنساناً واحداً فقط ، ولكنه يحب من حوله ، الدنيا بأسرها حتى بمتاعبها .. بزحامها بمشاكلها التى لا تنتهى
والحب يمتزج فيه القرب بالتودد بالمحبة بالدفء بالتسامح بالرحمة .. حتى الطغاة إذا أحبوا أصبحوا مثل الحملان الوديعة .. فالحب ينزع فتيل الغل والحقد والكراهية من القلوب
ولكن هل حقاً يستطيع الإنسان أن يحب كل الناس؟
فى الحقيقة إن الحب الحقيقى لابد أن يحب الإنسان نفسه أولاً لكى يحب أى إنسان آخر .. وبعد أن يحب نفسه ويعرف كل نقاط القوة والضعف فيه ، عليه أن يتحمل مسئولية أن يحب الجميع وأن يعلم الجميع الحب ، والإنسان الذى يفعل ذلك فإنه حقاً يعيش فى حالة حب وقادر على أن يعطى الحب ويعلم الحب ويكبر مع الحب
والحب أساسه المسئولية .. والمسئولية فى أصلها حب
وكل منا يعرف أنه مسئول بدرجة ما عن نفسه وعن آخرين ، وعندما يكون الإنسان ممن يتحملون المسئولية كاملة ، يكون من واجبه أن يحب كل الناس وعليه أن يهب نفسه لمساعدة الآخرين على إيقاظ الحب فى داخلهم من خلاله ، أى أن عليه أن يساعدهم على الحب ، وهنا فإنه يساعدهم بالتالى على حب الآخرين
والمحبون يقبلون على الحب ويتحملون مسئوليته بأن يشارك إنسان آخر همومه ومشاكله واهتماماته .. وعندئذ يصبح الحب كياناً مشتركاً . ونمو الحب هنا وإتساع نطاقه يتطلب تلاقى عقول كثيرة واستكشاف دروب كثيرة نحو الغاية الكبرى ألا وهى الحب الشامل
والحب العميق الشامل يزيدنا حباً لأنه يغير أنماط حياتنا التقليدية إلى آفاق أكثر روعة وأكثر جمالاً . ويشعر بعض المحبين بأن الحب لا يكون حباً إلا إذا كان يشمل كل الناس .. لأن كل إنسان هو كل الناس
والمثير للدهشة هنا أن الإنسان عندما يقيم علاقة حب حقيقة يكتشف فى نفسه مواطن كثيرة للقوة ويدخل عالماً أكثر رحابة واتساعاً مع من يحب
الحب الحقيقى إذن ليس أنانية ونزوة عابرة وإحساساً قوياً بالنرجسية عند المحب الذى يريد إنساناً واحداً فقط ، ولكنه نهر من الحب متدفق سيال يفيض على كل الناس من فيضه وكرمه ودفئه وحنانه